بيني إفرات
رائحة أوّليّة، 2056، 2008
السبت, 23.07.16, 20:00
السبت, 21.01.17
لمعلومات إضافية:
046030800بيني إفرات
رائحة أوّليّة، 2056، 2008
تقنيّة مختلطة على قماش
بلطفٍ من الفنّان
تجنّبَ الفنّ الإسرائيليّ على مدى سنوات من طرح الخطاب البيئيّ على مستوى المواطنين، مقارنة بأوروبا والولايات المتّحدة التي كان يحتلّ فيها هذا الخطاب أهمية مهيمنة واكتسب زخمًا في أواخر القرن العشرين. ويبدو أن التهديد الأمنيّ الملموس أدّى إلى انشغال الفنانين الإسرائيليّين بشكل أقلّ بالتهديدات الكونيّة، التي بدت بعيدة ومجرّدة. وينبغي أن نتذكر أيضًا أنّ الصهيونيّة، على الأقلّ في مراحلها الأولى، كانت في جوهرها مناهضة للبيئية. فالرّغبة في إحداث تغييرات في الطبيعة - جعل الأرض اليباب تزهر، تجفيف المستنقعات، التغيير الهائل لأهداف استغلال الأرض لبناء المستوطنات عليها، وهو بناء لا يراعي التضاريس الطبيعيّة - كلّ هذه نبعتْ من النظر إلى الطبيعة باعتبارها جسمًا غريبًا يجب احتلاله وتكييفه، أحيانا بقسوة، لاحتياجات الأمّة العائدة إلى البلاد.
مع ذلك، في مطلعالألفيّة بدأالخطاب البيئيّ يترسّخ في إسرائيل أيضًا. ينبثق هذا الخطابُ مباشرة من عمل بيني إفرات. فقراءة أعماله لا يمكنها أن تتجنّب الجدل الحادّ حول مسألة مستقبل الكرة الأرضيّة والإنسانيّة. وبكونه مشبعًا بالشعور بالرسالة، فإنّ إفرات يخلّد الخيارات المستقبليّة الماثلة أمام الإنسان، في حين يستخدم صوره الواقع المرير-الطوباويّ في المشروع الأثريّ-المستقبليّ للتاريخ.
في العمل رائحة أوّليّة 2056 يسعى إفرات إلى إعادة خلق العالم من جديد. وهو يحوّل "المكعّب الأبيض" في فضاء المتحف إلى "غرفة حمراء"، تُعرض فيها لوحات ضخمة للحيوانات: قطعان الزرافات والفيلة والجواميس الملونة بالأبيض، ذات خطوط عريضة رسمها الفنان على شكل بقع زاهية. يبدو إفرات كمَن ينوي لمس بداية الكون، بداية الحياة. وهناك مكّون ذو قيمة حاسمة غير مرئيّ: رائحة طازجة لعشب مقصوص. قطّارة خاصّة تقوم بضخّ خلاصّة رائحة قويّة، تمّ إنتاجها خصيصًا من أجل الفنّان- رائحة أوّليّة، ترسل إشارات للحيوانات حتى من مسافة عدة كيلومترات بشأن توافر الغذاء والماء والمطر والحياة والتجدّد. في قصّة خلق العالم، خُلق العشبُ في اليوم الثالث، وذلك قبل الحيوانات، لكونه العامل الأوّل في السّلسلة الغذائيّة.
المربّع الأحمر لدى إفرات هو "مغارة" فائقة في تكنولوجيّتها، حيث لا شيء فيها طبيعيّ "حقًّا". لكن، حتى في هذه "المغارة"، المغروسة في الفضاء الفنّيّ، تظهر وتزحف النظريّة التي ترى في "رسومات المغائر" تجسيدًا وترميزًا مُركّبين للتفاعل بين الذكريّ والأنثويّ في عوالم الحيوانات وبني البشر على حدٍّ سواء. الذّكريّ هنا هو "الواقعيّ"، "الحياتيّ"، بينما الأنثويّ هو الضّمنيّ، اللطيف، المداعب، ومع ذلك "يخترق كلّ شيء". وهكذا يمكن أن يطلق على عمل إفرات الفنيّ أيضًا اسم مغازلة الأنثويّ، كرثاء وأسًى لعدم وجوده في عالمنا اليوم.
ولد بيني إفرات عام 1940؛ يعيش ويبدع في إسرائيل