مشهد شارع

السبت, 18.02.17, 20:00

الأحد, 15.10.17

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-60-30-800

شارك

قد يضع الفنَان نفسه في مكانة المُتلصص في الأعمال الفنية العصرية. وسواء كان ذلك من خلال التصوير
أم من خلال الرسم المؤسس على التصوير، فإن عدسة الكاميرا تقتحم المجالات الخاصة بالآخرين.
والنظرة الموجهة إلى حياة إلى حياة الآخرين أحياناً ما هي إلا هروب من الواقع. الحياة في المدينة وفي
البنايات متعددة الأدوار تُعزز الشعور بالغربة والوحدة. ويمكن من خلال إطلالة من الشباك أن ننظر إلى ما
يحدث كما لو أننا أمام شاشة تلفزيون أو سينما.
الاشتغال بالأحداث والمجريات التي تدور في فضاء المدينة اليومي – وهو موضوع هذا المعرض- يعود أصله
إلى تقليد استخدمه مصورو "اللحظة الحاسمة" في منتصف القرن العشرين، من أمثال أنري كارتييه-
برسون ، ووكر أفانس، روبرت فرانك وغيرهم. استخدم مصورو "صور الشارع" تقنيات مهمتها إبراز فورية
النظرة وعفوية اللحظة. لقد تأثروا من فكر شارل بودلر الذي كان يعتبر أن وظيفة الفنان العصري هي "تقديم
الحياة كما تُعاش في الواقع". وهذه الصور تعيد للأذهان مؤلفات رسّامي الشوارع الباريسية العصرية في
القرن التاسع عشر من أمثال غوستاف كيبوت وغيره. حيث تركزت لوحاتهم في شخصيات مركزية وأضفت
على شوارع المدينة أجواء أشبه بداخل غرفة.
وبودلر الذي وصف تجربة "المتسكع" أو "المُتنزه" ) flâneur ( قال أن التسكع هو ممارسة جوهرية في
مجريات عمل الفنان العصري بينما يجلس في المقاهي ويتفرج على المارة. اهتم وولتر بنيامين بأهمية
الرؤية بالنسبة للمتسكع-التحرّي، حيث من وراء تعاطله وقلة عمله "تختبئ نباهة المُراقِب الذي لا يُفلت
المجرم من عينيه". وفي فراسة "المتنزه" المميزة، ذلك المتنزه الذي يستجيب للمحفزات العابرة، هناك
قوة تُهدد مصدر المرجعية. ففي المنظور التملكي-الاستهلاكي يُعتبر المتسكعين أشخاصاً منبوذين لكونهم
يشكلون مصدر للإزعاج الاجتماعي، ولأنهم يسكنون الشارع وليس لديهم بيوت يأوون إليها ولأنهم سًكارى
وأعضاء في شلل شوارع مشبوهة تنتمي إلى الطبقات المهمشة في المجتمع. والتسكع يتنكر لثقافة
الاستهلاك التي تضمن لصاحبها الشعبية والجاذبية من خلال استهلاك الأشياء "الصحيحة".
والإطلالة على الفضاء العام من خلال التسكُع هي أيضاً تُعتبر ممارسة سلبية، لا بل جنائية. يسود
الاعتقاد أن المتلصص يخرج قصداً وخفية لممارسة هَوَس التسكع. وفكرة اختلاس النظر التي تندمج في
جميع أعماله المعروضة في المعرض تحضر أمامنا ما ليس من المفروض أن ننظر إليه، المُتجاوِز، وتضعه
في المقدمة. تسعى هذه الصور إلى توثيق الأماكن المظلمة في الحياة العصرية كمثال واضح على التوق
إلى العثور على عنصر من الحميمية بالذات في هذا المجتمع الذي يوثق كل شيء.
بعض الأعمال المعروضة في المعرض تُضاف إلى الطريقة التقليدية في تصوير مومسات باريس في سنوات
العشرينات وصور مومسات ماري الفرن في نيو يورك في سنوات التسعينات. ووفقا لناقدة الأدب جان
ميتلوك، فإن المومس ترمز إلى العلاقات الغرائبية في الرأسمالية الحضرية – المزيد من كل بضاعة أو
خدمة للبيع. وباحثة الفن هوليس كليسون تعتقد أن المومس تعبر عن العلاقة الثنائية تجاه العصرنة بحد
ذاتها – ذلك التوتر بين كل ما هو حي وعابر وغير مستقر، لكنه مُصمم على شكل بضاعة أو سلعة. أما
جريزيلدا بولوك فإنها تصف كيف نشأت في القرن التاسع عشر فضاءات حضرية )مدنية( رأسمالية كانت
عادات التلصص فيها سابقاً مُستنكرة ومن ثم تحولت إلى امتيازات شرعية للرجال البرجوازيين.
الأعمال في هذا المعرض تعبر عن وعي الفنّانين الحاد تجاه مجريات الأمور داخل البيوت، وتجاه شكل
العلاقات الشخصية )وغيرها من العلاقات( التي تدور فيها، وهو شكل لا يحكمه قانون لكنه مع ذلك شكل
عملي، ووعيهم تجاه مشاهد الشهوة الفاحشة المستترة في قاع الأخلاقيات البرجوازية، وتجاه الرموز
الشهوانية التي تقتحم أسس التنظيم المجتمعي السليم.

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك