نظرات مُسترقة: التلصص في الفن

السبت, 18.02.17, 20:00

الأحد, 15.10.17

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-60-30-800

شارك

إنه هذه الرغبة والفضول للنظر إلى حياة الآخرين هي صفة أساسية من صفات البشر. فجميع البشر
يراقبون بعضهم البعض علانية أو خفية. فكلنا نخضع للمراقبة المستمرة في حياتنا.
هذا الفضول البشري للنظر إلى الآخر قائم منذ القدم ولم يتغير، أما الأعراف الاجتماعية والتكنولوجية
التي تتيح هذا النظر فقد تغيرت. استخدمت سابقاً في هذا سياق الحديث عن التلصص مصطلحات من
عالم الصيد مثل "التعقب" و"البحث عن فريسة"، حيث اعتبر عملاً يهدد من يتعرض له. لكننا قد اعتدنا
في الواقع الذي نعيشه الآن باننا نخضع على الدوام للمراقبة، ولم يعد التلصص بتلك الخطورة، حيث بات
يُمارس يومياً، مثلاً بواسطة الصور التلصصية التي يتناقلها البشر عبر الهواتف المحمولة.
لقد ظهر الوصف التلصصي في الفن في لوحات فناني عصر النهضة ومن ساروا على خطاهم، فمثلاً في
لوحة الآلهة فينوس التي تبدو نائمة في المرج أو في سريرها أو بينما تستحم، وكذلك في لوحات "حكاية
سوسنة" )"سوسنة والعجوزان"( – وهي قصة وردت في سفر دانيال بصيغته المسيحية. وهذه التصاوير
جاءت أصلاً لوصف جسد المرأة العاري بالطريقة الكلاسيكية. وفي القرنين التاسع عشر والعشرين طرأ
تحوّل على وصف التلصص في العمال الفنية. فعلى سبيل المثال قدم الفنان إدغار داجا رسوم لنساء من
الطبقات الوسطى أثناء ممارستهن لأعمال مختلفة مثل الاستحمام، وبدى وكأنه ينظر إليهن من خلف
ستار أو من شق باب. ومع نشر مؤلفات فرويد في بداية القرن العشرين رسخت كلمة "تلصُص" حينما
تحدث عن "مُتعة التلصص". أما تعامل الفن مع هذا المصطلح فقد بدأ بشكل ملحوظ في أعمال الفنانين
الدادانيين والسورياليين من أمثال مرسيل دوشان، مان ري، جورج أونييه، جورج غروس، هانس بالمر
وغيرهم، وكذلك في السينما كما في فيلم "الشباك الخلفي" للمخرج ألفرد هيتشكوك.
يتعامل الفن التلصصي مع فكرة كونه يُشاهد من قِبَل جمهور غير مرئي. والديكورات – مثل الشبابيك
المفتوحة أو الأبواب المشقوقة – تضيف إلى جو الغموض. وينظر هذا الفن في الإثارة والسلوكيات الإشكالية
المنطوية على النظر إلى أعمال حميمية وخصوصية يمارسها الآخرين. والإثارة التي تتسبب لنا من أعمال
التلصص تعتمد بالأساس على خرق عُرف أخلاقي. فالشعور بأننا نسترق النظر إلى أمر ما ليس من
المفروض أن نراه هو ما يجعل التصاوير مغرية. وهكذا تحولت فكرة التلصص إلى فكرة جذّابة بنظر الفنانين
والمصورين.
يقدم المعرض هذا الانشغال بفكرة غياب الخصوصية والتدخل المتطفل بحياة الآخرين والنزوة الجنسية.
وتطرح الأعمال أسئلة حول الغريزة البشرية للتصرف بطريقة تلصصية بطريقة فاعلة أو ساكنة. فالمشاهد
مدعو للتلصص إلى داخل حديقة سوسنة المغلقة أو غلى حمّامات النساء في المطبوعات اليابانية أو
تحت التنانير في أعمال مرسيل دوشان وفيليب ستارك، وكذلك عبر نوافذ الجيران كما في أعمال غييل
ألبرت هلافان وأرنه سوانسون.
الأعمال في المعرض تختبر قوة الفن في إزعاج راحتنا وإدخال فتنة صغيرة )أو كبيرة( إلى حياتنا وجعلنا
نعيد النظر في أخلاقياتنا. المشاهد مدعو لأن يفهم نظرة المُتلصص ونظرة المُشاهد من وجهة نظر خارجية
بينما يتأمل بالإشباع الأخلاقي لرغباتنا والذي قد يبدو إشكالياً.

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك