حنّا أرندت، المثقفه اليهودية الألمانية الأصل، تناقش ظاهرة الاشتهار من خلال تعاملها مع المجال العام
بصفته "فضاء للظهور". تقول حناّ أن الإعجاب في هذا الفضاء قد تحول إلى "شيء ينبغي استخدامه
واستهلاكه". والنتيجة المباشرة لثقافة الظهور هي ظاهرة إعجاب الجماهير وظاهرة الاشتهار، حيث يعمل
البشر كأفراد في الفضاء العام وكممثلين يسعون إلى تحقيق المجد والشُهرة.
والشهرة بحد ذاتها كغاية منشودة تحولت إلى "ميزة فارغة". هذا التوق الجديد "أن يكون وجهك مألوفاً"
يحرك أجهزة جباّرة: برامج تلفزيونية، صُحُف، مكاتب للعلاقات العامة والدعاية. وقد نتجت العديد من المشاكل
النفسية الجديدة عن هذا اللقاء ما بين الآثار التي يخلفها أفول نجم الشهرة وبين تعقيدات الحياة اليومية.
فالشعبية التي يحظى بها البرنامج التلفزيوني "الأخ الكبير" مثلاً، تعكس التوق إلى المجد، وإلى أكثر مما
تقدمه الحياة. الكثير من الأشخاص من كافة الطبقات الاجتماعية وليس الشباب فقط، يتنافسون على
الظهور في برامج من هذا القبيل لبيع خصوصيتهم مقابل المجد والشهرة.
يركز هذا المعرض على ظاهرة الاشتهار في أيامنا، حيث باتت التضحية بحياة الفرد هي السبيل النهائي
ويجوز توظيف أي شيء في سبيل ريّ ظمأ الفوز بالاعتراف والركوب ولو لدورة واحدة مهما كانت قصيرة
على عجلة الشهرة التجارية. ينعكس الانشغال "بالاشتهار" في كثير من الأعمال كأمر يتحقق من خلال
نسخ لا نهائي ونَقَشَ وجوه أشخاص غرباء في ذاكرتنا. هذه الأعمال التي تتميز بجمالية النسخ تخاطب
عالم الإعلام الذي "كل شيء موجود فقط لأنه هو صورة" والوجود فيه "هو أن تكون تماماً كما لو كنت
منسوخاً".
يبدو وكأن التصوير البرّاق والمُصطنع يحقق ذلك الظهور المُعين المطلوب في الواقع الذي نعايشه الآن.
فالتصوير في عصرنا الحديث هو الذي يمهد الطريق إلى الاشتهار. فحين يتردد ظهور وجه معين في الفضاء
العام، فلا بد أن تكون الكاميرا من وراء ذلك الظهور. تتناول الأعمال في المعرض مسألة العرض الذاتي
وتبديل الهويات والوضعية الاستعراضية التي نختارها لأنفسنا أمام الكاميرا. وفي هذا السياق يقول المُنظرّ
الفرنسي رولان بارت أن وجود الكاميرا يلعب دوراً تصميمياً مميزاً في تعامل الشخص مع الكاميرا والمصوّر،
حيث يقوم الأشخاص بتكييف انفسهم مع حالة التصوير ومع التوقعات التي تفرضها الكاميرا على الممثلين.
والتصوير بطبيعته يحولّنا إلى أشخاص آخرين ويجعلنا شركاء في الانسلاخ عن ذاتنا. وهذا ما كتبه بارت
عن نفسه كشخص يتم تصويره: "اتخذت لنفسي على الفور جسماً آخر، إذ قمت سلفاً بتحويل نفسي
إلى صورة مُستعارة".
استعراض الذات كصورة مستعارة يقع في صلب ظاهرة ال"سيلفي" التي تتعامل مع بناء الذات في
نسيج شبكة من الممثلين الافتراضيين. بعض الأعمال في المعرض تُبرز ال"سيلفي" كقناع، وأداء ذاتي
يشكل جزءً لا يتجزأ من تكنولوجية الظهور والاستعراض في العصر الحديث. وفي هذه الأعمال يتم عرض
الحكايات واسطة "مرآة ديجيتالية"، تنعكس من خلالها تأملات في القوة والجنسانية والتهميش والقدرة
على العمل. تتناول هذه الحكايات موقع الهوية في السياق الضبابي للحقيقي والافتراضي على خلفية
ظاهرة الاشتهار في القرن الواحد والعشرين.
دخول مجاني للمعارض للأطفال والشباب حتى سن 18 خلال الأيام المتوسطة من سوكوت (6-11.10.17)
مدخل للأطفال حتى سن 16 مشروط على شخص بالغ يرافقه رسوم! * يمكن للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما الدخول بدون مرافقة * العرض غير صالح للمجموعات أو الزيارات الطلابية * لا يشمل الأحداث وورش العمل