المشهد الكويري (حرية الجنس): منذ غيلبرت وجورج حتى اليوم

السبت, 11.11.17, 20:00

السبت, 09.06.18

مُتاح

لمعلومات إضافية:

046030800

شارك

المشهد الكويري (حرية الجنس): منذ غيلبرت وجورج حتى اليوم

 

السياسة الليبرالية الساعية إلى صياغة مفاهيم حدود حرية الأجناس تعتمد على فرضيتين تكامليتين. الفرضية الأولى هي فرضية الاختلاف، ومفادها أن هناك اختلاف جوهري بين مثليي الجنس وبين متبايني الجنس، وهو اختلاف يفوق بأهميته أي انسجام آخر بينهما. والفرضية الثانية هي فرضية الهوية ومفادها أن جميع أعضاء مجتمع مثليي الجنس متشابهين. وجميع الفروق بين مختلف المجموعات في مجتمع أحرار الجنس من حيث الخصائص والأفكار والتطلعات، فلا قيمة لها ولا تستحق التطرق إليها.

وتأسيساً على تلك الفرضيتين كما يصفهما الباحث حاجاي كالعي فإن السياسة الليبرالية تعمل على التفريق والإقصاء. فالمجموعة المتناغمة تختار كيف تتقاسم الفضاء وتخصص لـ"الآخر" مثلي الجنس مساحة محدودة يجوز له العيش فيها علناً. ففي لحظة قيام التقسيم في الفضاء يتضعضع النقد بخصوص غياب التمثيل اللائق أو الظهور ويقوم تسويغ لدحر الهوية المثلية الجنس من سائر الفضاءات العامة. ومن الناحية العملية فإن هذا المفهوم يعتمد مبدأ "منفرد لكن مساو" (separate but equal). ويتم التخصيص طبعاً وفقاً لمعايير الهيمنة العامة، وكلما كان "الآخر" أكثر شبهاً بـ "أنا" زاد استحقاقه. يعين عليك إثبات أنك شبيه بالكل وعلى كافة المعايير، باستثناء الميل الجنسي. إذ عليك أن تُثبت بان ميلك الجنسي مختلف تماماً ولا يتحول.

انطلاقاً من هذا الوعي تجاه هذه الحالة، بدأت تتبلور النظرية الكويرية في سنوات التسعينات من القرن العشرين، حيث تنطوي على خطوات نظرية قاسمها المشترك هو النضال ضد الهويات التوحيدية للأفراد والمجتمعات والرغبة في تحدي التقسيم غلى فئات متضادة من الجنوسية والهوية. وتبرز النظرية الكويرية بفضل الطابع الثوري الذي لمواقفها. الكوير ليس مخالفاً بشكل عكسي لـ"الطبيعي" ولمتباين الجنس. وقيام الكوير يكشف كيف تبدو ازدواجية التفكير اختلاقاً شرساً وتعسفياً.

تسعى النظرية الكويرية إلى تحقيق هدف مزدوج: محاربة الآراء المُسبقة تجاه الشاذ الاجتماعي والإشارة إلى الشاذ الواعي لذاته كاستراتيجية للتسامح السياسي والمجتمعي الجديد. وهذه النظرية تسير على خطى الفيلسوف ميشيل فوكو (Foucault) من حيث تعريفها الاختلاف الجنسي بصفته ليس واقعاً بيولوجياً، غنما ابتكار حضاري جاء ليخلق "الطبيعي" كنقيض لـ "الشاذ" و "المريض". إذن فالسياسة الكويرية تؤيد تشويش الحدود بين الفئات المجتمعية وخلطها بواسطة هجائن مستولدة مختلفة.

العمل المعروض في المعرض يتصل بالممارسات الكويرية الساعية إلى خلق ظهور ناقد على هيئة استراتيجية فخر "إيجابية". الاتجاه نحو الظهور يضع السياسة الكويرية في مكانة مؤثرة على الثقافة العامة. والطموح إلى الظهور يلعب دوراً هاماً في الخطاب الإنجازي. النظرية الكويرية تُبرز مظهر الجسد كشرط أساسي لتعريف الهوية والاختلاف. تدعي جوديت باتلر (Butler) أن فئات "امرأة"، "رجل" و"ترانس جيندر" (مُغاير الهوية الجنسية) ليست ماهيات ثابتة، إنما هي أشبه بعمليات كلامية تعرض العمل والمظاهر المختلفة للنساء والرجال في الحضارة وكذلك الخلط بينهما.

الأعمال المعروضة في المعرض تؤكد اهمية الأداء الكويري في الفضاء العام بصفته مسألة تتنصل من التعريفات والأعراف وتشكل أداة لإسماع النقد الاجتماعي. وقد اتخذت مشاهد النقد الكويري لنفسها أداة ناقدة تتيح لها الاعتراض على المطلب المُهيمن للياقة وتتيح لها اخترق الحدود المألوفة وطرح نقد ظاهري للواقع. الناشطون الكويريون يستخدمون الأداة الفنية لتحقيق تغيير حضاري. ومشاهدهم تعكس موقفاً ملتزماً نحو مواصلة تغيير الخارطة والتكوّن الدائم.

 

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك