نضال، احتجاج – فارس، قناع
يتناول هذا المعرض موقف مشاهدة الفنان للنضالات والاحتجاجات ومدى مشاركته فيها، وهو موقف يتراوح ما بين اللفتة الفنية والعمل الفعّال. تتناول اللوحات وقائع من مسارح نضال أو مظاهرة أو احتجاج - بعضها معروف وبعضها لا مجال لتعريفه بالتحديد. تشدد الأعمال المعروضة على تصويرتين بارزتين: القناع والفارس. القناع هو وسيلة تمويه وحماية وإخفاء هوية وتُستخدم كُأداة مُلحقة لإزالة آثار وتعابير الحرية. إنها تظهر هنا في تصويرات المتظاهرين والملثمين ورجال الشرطة.
قوات الشرطة تستخدم معدات واقية، بما فيها الخوذة التي تغطي الوجه لغرض الحماية والتمويه وهي على ظهور الخيل. هذه الخصائص تضفي عليها منظراً يعيد الفرسان إلى الذاكرة – وهي صورة تتماهى تقليدياً مع حضارة فرسان القرون الوسطى. فقد تم تصميم زي الشرطة بهدف إعطاء طابع الانضباط والقوة التي تُستخدم وسيلة للتعبير عن السلطة وتعريف الهرمية. إن القدرة على استخدام القوة هي أمر جوهري لدور الشرطي مقارنة مع العنف البوليسي الذي يتم فيه استخدام قوة مادية مفرطة فوق اللزوم. تُعرض في المعرض اعمال تتناول مناسبات مختلفة استخدم فيها رجال الشرطة القوة في مواجهة المتظاهرين، مثل إخلاء عمونه (2006) واحتجاجات الأثيوبيين (2015). الأعمال تثير السؤال: متى يكون استخدام قوة الشرطة أمر مشروع ومتى يصبح مفرطاً؟
يبرز في الأعمال كذلك ظهور المتظاهرين الملثمين والمقّنَعين. القناع يعبر عن حرية ألا تقوم بتمثيلك المؤسسات التقليدية كما تدعي الفنانة والمُنظّرة هيتو شتيرل (Steyerl). وفي هذا السياق يبرز حضور قناع "غاي فوكس" Fawkes)) التي تملكتها مجموعة الهاكرز "أنونيموس" في عام 2008 بصفتها الوجه الجماهيري للاحتجاج ضد السينتولوجيا. وانتشرت منذ ذلك الحين كتفشي الفيروس بصفتها رمزاً تصويرياً لمقاومة عصرية. ارتبط استخدام القناع بالخطاب بشأن "حرية الغموض" التي تتيح التغاير وتمثل حقوق الذات السيادية وليس حدودها، على حد تعبير المفكر إدوارد غليسنت (Glissant). ليس من باب الصدفة أن يلف المتظاهرون وجوههم بأقنعة تتيح للفرد أن يمارس حقوقه والتظاهر دون خشية التعرف عليه، وتتيح لطائفة المتظاهرين بلورة هويتهم الجماعية.
أمينة المعرض: ريفيتال سيلفرمان غرين