حِن شيش: اسكتي، اسكتي

السبت, 11.11.17, 20:00

السبت, 09.06.18

مُتاح

لمعلومات إضافية:

046030800

شارك

حِن شيش: اسكتي، اسكتي

الأعمال التعبيرية التي تُبدعها حن شيش تثير المشاعر والأفكار، بل وتثير الرغبة بالقيام بعمل. وكما وصفها الأديب دورون براونشتاين فإن عملها "يجعلك ترغب بالخروج والعمل... أي هو مذهب الفعّالية".

وخلال مسيرة عملها الطويلة أبدعت الفنّانة مجسمات وأعمال فيديو وكولاج، لكنها ظلت دائماً مخلصة للرسم. هناك أفكار ورموز مختلفة تعاود الظهور في إبداعاتها إلى جانب التلوين المميز الذي يشمل استخدام اللون الأسود والأبيض والوردي والذهبي. إنها لا تتردد في استخدام ألوان تُعتبر "خطيرة". وعلى حد تعبيرها "أنا لا أخاف لمس الجمال". والجمع بين مسحات الألوان التجسيمية والتعبيرية وبين اللمسات الرقيقة هو ما يميز مجمل أعمالها.

المُجسم الحالي الذي تقدمه شيش يعتمد على سلسلة مؤلفة من اثني عشر قناعاً مصنوعة من مادة سيراميك وملونة بألوان صارخة وفاغرة افواهها. وهذه الأقنعة هي لفتة للأقنعة الحجرية الاثنا عشر التي تعود إلى العصر الحجري الحديث، والتي اكتُشفت في منطقة صحراء وجبال يهودا وتم عرضها في متحف إسرائيل في عام 2014 من خلال معرض بعنوان "وجهاً لوجه".

ولعلها ليست صدفة أن تؤسَر الفنانة بسحر الأقنعة الخلاّب والوثني والشعائري، حيث أن لغتها الفنية تتميز أساساً بتصويرات شكلية مأخوذة من عوالم قديمة ومسحورة وشعائرية وخرافية. إن قوة القناع تأتي من الكيان الذي تمثله. ومنذ اعتمار القناع فإن وجه مُعتمره لا يختفي فحسب، بل تتلاشى شخصيته وتتغلغل الروح المتمثلة في القناع إلى داخله وتمنحه من قوتها.

إن جذور ارتباط شيش بالغموض الذي يلف مهد الحضارة كانت واضحة منذ أيام طفولتها في صفد، حيث اعتادت على التجوال في الوديان وبين قبور الأولياء. وقد تسلل التصوف والروحانيات إلى أعمالها كرسّامة وها هي تعود وتحاول لمس السماوي المهيب من خلال إبداعاتها.

تصنع الفنانة شيش في فضاء معرضها الحالي مساحة من العدائية تجاه الخارج وتجاه الداخل ويظهر الجسد كمنطقة كارثة. تصويرات الفم المفتوح ترمز إلى كلام لا يُسمع أو صرخة خرساء، وتبرز فيها محاولة التخلص من اللغة. شكل الفم المفتوح يجلجل بأصدائه جمجمة الضحية الساذجة. فكرة الفم المفتوح بصرخة هي فكرة معروفة منذ العهد اليوناني القديم بصفتها رمز يدل على الهستيريا وانفلات جميع الضوابط العقلانية. ومن ثنايا الفم الصاعق ينشأ شعور بعنف قوي ومشاعر ألم قوية. 

القناع الاستعاري يجسد هنا وسيلة تقويض ضد مشهد الأنوثة الذي يفرضه المجتمع الأبوي. فمن خلال اللباس التنكري يصبح بمقدور المرأة أن تتحول من مفعول إلى ذات وأن تخلق بعداً بينها وبين المُشاهِد الرجولي. فالفم المفتوح وانعدام الشفتين للمرأة القناع - مع ما تنم عنه من إغراء وقباحة سافرة، يتحدى ابتسامة المونا ليزا النادرة والمثيرة للعجب – رمز الجمال النسائي الأعلى. ويقول زيغموند فرويد في هذا السياق أن الموناليزا تُغشي على وجهها ابتسامة كالقناع. 

الأقنعة موضوعة على سقالات على شكل فزّاعات خشبية مرتجلة الصنع، أشبه بشخوص شعائرية تهدد الداخلين إلى الفضاء أو تحميهم من الأرواح والعفاريت. وبهذه الطريقة يتحول المُجسم إلى ما أشبه بمعبد مؤقت يقوم للحظة عابرة. والصور على الحائط تأتي لتُتمم فزّاعات الأقنعة وكأنها تصنع لها منظراً لتتواجد فيه وإمكانية وجود. وتتسرب إلى داخل اللوحات عيون تطل على زائر المعبد الاستوائي. إنها تعاين من يرغب دخول المعبد وتكيل نفسيته للخير أم للشر.

 

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك