"قوة، حقيقة وما بعد الحقيقة"

السبت, 30.03.19, 20:00

الأربعاء, 06.11.19

مُتاح

لمعلومات إضافية:

046030800

شارك

زعم الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو إن القوة ليست نتاج مؤسسات، إنما هي كيان مُنتِج بحد ذاته، يعرّف الإنسان نسبة لذاته ويعرّف تنظيم العلاقات في المجتمع. هذا الكيان يضم تحت جناحية حاكمين ومحكومين داخل شبكة علاقات متشعبة ترسم حدود فعالية القوة وفرضها بطريقة شرعية. وفي السياسة المعاصرة تتخذ القوة أنماط ممارسات من نوع "نظام ما بعد الحقيقة"، حيث يعتمد هذا النظام على حقائق بديلة، تعميمات ومناورات ذكية للتأثير على مشاعر الجماهير وهكذا يتحكم بالنقاش الجماهيري. في هذا العصر تكتسب وجهة النظر الصارمة وزناً أكبر من الحقيقة.

ينتقد الفنانون المشاركون في هذا المعرض هذا الواقع ويسعون لبث الأمل تجاه تغيير سياسي يؤدي إلى حالة تسمح للفرد بالتعبير عن حريته من خلال معارضته لآلية قوة الدولة. يخوض الفنانون نضالاً ضد القوة التي ترسم طريقة تنظيم "الحقيقة" كما يتم كشفها اليوم للجماهير. إنهم يفعلون ذلك من خلال استخدام استراتيجيات تدخل وتوجيه وتشويش.

يقدم المعرض عدد من التدخلات والعمليات فنية تعارض شكل عرض "الحقيقة" التي تناول سياقات اجتماعية – سياسية واقتصادية مختلفة. بعض الأعمال تعكس رؤية فنية تسعى للعمل بطريقة مخلة بالنظام خارج السياق الفني. وقد أطلقت المُنظّرة كاري لامبرت بيتي على هذا النوع اسم "بارافيكشن" (شد الواقع إلى ابعد من حدود الكذب) - وهو مصطلح يشير إلى استخدام أساليب التضليل والتسويف واختلاق هويات زائفة وانتحال أو خلق روايات وأحداث ملفقة. الأعمال هي عمليات من الخيال السياسي لها نتائج ملموسة في العالم الحقيقي. حيث تُستوعب كحقائق وتحظى بمرتبة حقائق في ظروف معينة، وهكذا تكتسب مسألة الحقيقة أهمية بالغة.

تَشكل هذا النوع الفني في التجمعات الشرق أوروبية في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. ففي تلك البلدان تتداخل الأيديولوجيا دون انفصال مع تدوين التاريخ وبطريقة يتم فيها سرد حكاية الماضي لأجل خلق انقلابات والتأسيس لأفكار ونبوات. التاريخ والروايات التي يُستمد منها الإلهام حاضرة في الحاضر، ترفض الاختفاء وتظهر كقوة نفسانية واجتماعية. 

الكثير من الفنانين المشاركين في المعرض متأثرون من جماليات السينما الوثائقية والسخرية الوثائقية وبرامج الواقع بهدف عرض قراءة جديدة لروايات قائمة. هذه الخطوات غايتها كشف جوانب غير معروفة وفتح إمكانية لتعدد الروايات بالنظر إلى التاريخ. بالمقابل هناك أعمال أخرى تلعب على الخط الفاصل بين الواقع والخيال لكنها تظل في نطاق الأعمال الخيالية، هذه الأعمال تميل إلى منح حيز أضيق لجانب الوهم. يبرز فيها، وبطريقة متغيرة وفقاً للسياق، التدخل بالجوانب التاريخية والثقافية الحقيقية. 

بمقدور الفنان المشاركة في الخطاب السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي المهيمن وان يتملك ويستهلك، لكن في الوقت ذاته ينتقد ذلك الخطاب. على هذا المنوال فإن معظم الأعمال المشمولة في المعرض هي أعمال أدائية، بمعنى أنها تولد أفعال بدل أن تقوم بوصفها أو الإشارة إليها. العرض الأدائي له قيمة كبيرة، حيث تنمو من داخله أشكال التفكير الجديدة التي تقوض النظام القائم. الأعمال المعروضة في المعرض لا تتوقف عند لحظة كشف الوهم؛ إنها تخلق ما لم يكن له أن يحدث، ربما لكي يتسنى له ان يحدث في المستقبل.

 

ليمور ألفران زيرد

أمينة المعرض

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك