في عام 2003 أقيم في متحف حيفا للفنون معرض "فيديو Zero: اضطرابات بالاتصال: التصويرة المبثوثة – العقد الأول". وجاء ذلك المعرض لسد النقص البارز في الانشغال الفكري والناقد لفن الفيديو في عالم الفنن الإسرائيلي. تَمحوَر المعرض في أول أيام هذا الوسط الفني الذي ظهر في سنوات الستينات على خلفية الثورات الثقافية التي سعت للانقلاب على المؤسسة المهيمنة. إيلانا تننباوم، أمينة هذا المعرض، تقول في الكتالوج إنه كجزء من هذه الخطوة الناقدة وبدافع تلك الرغبة المثالية فقد "بحث كثير من الفنانين عن أشكال جديدة وتعريف جديد لعملهم الفني ليكون نداً للقوة التي تصمم الإعلام الجماهيري في الحضارة الغربية".
قبل أن يكتسح الإنترنت عالمنا لعب التلفزيون دوراً اجتماعياً غاية في الأهمية، حيث كان المصدر الأساسي للمعلومات وللتسلية ووفر لنا ساعات من المتعة والتراخي والتكاسل. فالتلفزيون الذي كان في الأصل تطبيقاً لوسيلة للاتصال بين الأشخاص، تملكته في مرحلة لاحقة أطراف حكومية وتجارية بعد أن أدركت ما هي القوة العظيمة التي يمكن استخراجها من جمهور مستهلكين مأسور. ومن هنا سعت تلك الجهات لاستثمار أموال طائلة لتطوير تكنولوجيات البث والسيطرة عليها.
في هذا السياق تقول تننباوم إن مأسسة التلفزيون كوسط إعلامي إلكتروني بصفته عمل إنتاجي تجاري تسيطر عليه جهات احتكارية "أدى إلى إنتاج أساليب موحدة ونواميس ثقافية- سياسية متفق عليها لإنتاج البرامج في الولايات المتحدة وفي أوروبا. إذن لم يتحول التلفزيون إلى جهاز للاتصال كما تظاهر عند بداياته، إنما صار مؤسسة مهيمنة وجهاز تسويقي أحادي الاتجاه". فن الفيديو يرتبط بعلاقة مباشرة ووثيقة بالتلفزيون. فالكثير من الفنانين تناولوا التلفزيون في أعمالهم من خلال الفيديو وتعاملوا مع التلفزيون بصفته غرض او موضوع أو وسط إعلامي.
الأعمال المعروضة هنا تم انتقائها من معرض "فيديو Zero". تكشف لنا هذه الأعمال موقفاً ناقداً تجاه الكيان التلفزيوني وتجاه تظاهره بأنه يعكس الواقع "ببث مباشر"، في حين انه في واقع الأمر يُخرج ويُمنتج الواقع بالتوافق مع سطوة الشركات القابضة عليه. وجهاز الإعلام ذاته كان خاضعاً لتلك المصالح الاقتصادية والسياسية التي سيطرت عليه وقبضت عليه بيد حديدية طيلة خمسة عقود.
النص: عنات مرتكوفيتش