يتناول هذا المعرض عالم الهجينة كأسلوب معيشة بديل يعكس الهوية الفضفاضة وغير المستقرة والمعقدة في الخطاب الثقافي الراهن – كما تصفه أديبات فكر نسوي بارزات مثل روزي برييدوتي ودونا هارفي. في هذا السياق فإن مصطلح "الترحال" الذي تستخدمه برييدوتي هو الاسم الآخر للأنوثة بصفتها نموذج إيجابي للحركة وعدم التقوقع – بمعنى الرحلة المعنوية النفسية، لا الجغرافية.
تظهر في صور بوريانا روسا امرأة شرق أوروبية بلباس غربي مهندم على خلفية بيوت قديمة ومتآكلة كناتج هجين بين النظام الشيوعي القديم وثقافة الرأسمالية. عمل آنا يام الإبداعي يعكس الوجود الذاتي المترحل الذي ينطوي على حالة مستديمة من التكوين، كتعبير عن العوالم الثقافية التي تنقلت بينها بعد وصولها إلى البلاد قادمة من سيبردلوبسك في الثانية عشرة من عمرها. في الصورة بورتريه شخصي أثناء رحلة عائلية إلى البحر الميت وعلى وحهها ممسوحة بقعة حمراء. وهذه بقية أحمر شفاه أمها – ذكرى التراث النسوي الذي يعكس العالم الروسي.
جسم الراقصة يجسد مبادئ الدقة والتناغم. فالراقصات في الإنشائية التي أبدعتها مئيره غروسينجر، حيث تبدون كمخلوقات هجينة، لا يتخذن هيئة الراقصات التقليديات ذوات الأجسام المثالية، إنما هيئتهن تنم عن مظهر الخشونة. فهن مصنوعات من ورق الجرائد – مادة يتم رميها بعد استعمالها – ويبدون كنساء تقدم بهن العمر ويكسوهن ماكياج ثقيل.
روعي فيكتوريا حيفتس أبدعت في رسوماتها نساء مغايرات الهوية الجنسية بالغات في السن وتسريحات شعورهن أنيقة وبشراتهن مليئة بالتجاعيد والشامات. وعرضعن على ورق جرائد مكشوف يُبرز أجسادهن الشائخة. والجزء المبقع، الضبابي يثير تساؤلات بخصوص حدود الجسد. الشخصيات النسوية موضوعة في مجال الأولوية المنعكسة في أحجامهن الهائلة وغير البشرية لكونهن شخصيات عظيمة.
باعتقاد دونا هارافي فقد تحولنا كلنا إلى وحوش هجينة أسطورية، أشبه بمخلوقات "السايبورغ" التي تجتمع فيها الآلات والكائنات الحية. فنان الإعلام والإنشائيات الأسترالي ستلارك يربط جسمه بفضاء السايبر ويوسع حدود القدرات البشرية. فهو يضع نظارات فيديو وسمّاعات، ما يتيح له أن يرى "بعيون" شخص في لندن وأن يسمع من خلال "أذني" شخص في نيو يورك. استخدام الوسيلة التكنولوجية يتيح له تحريك ذراعه اليمنى بطريقة لا إرادية. والحدث يتفحص تجربة الجسد مع الفيزيولوجيا المتشعبة المتصلة بثلاثة أماكن مختلفة. وظل الفنان المنعكس على الحائط في الخلف يخلق تصميم رقص لمسرحية كميرا (مخلوق أسطوري يوناني). والكميرا كما يعتقد هارافي، هي وحش من الأساطير اليونانية لها رأس أسد، جسد عنزة وذنب أفعى، هي بمثابة استعارة للدمج بين التكنولوجيا والبيولوجيا. مصطلح "الكميرية" يصف من جملة ما يصفه حيوان مكون من خلايا ذات شحنات وراثية مختلفة.
الطواطم الكميرية (كيانات رمزية) في أعمال أساف راهط هي مخلوقات مهجنة تم خلقها بتقنية تلفيف وتجديل الخيطان من خلال إلصاقها بغراء. راهط يغير مبنى عمود الطوطم التقليدي. فهو يُبدع طواطم دائرية وأفقية تطمح إلى الحركة والتغيير الدائم. ومن خلال ذلك ينشأ بداخلها توتر ما بين اتصال مخلوق مع آخر وبين انفصالهما عن بعضهما.
حالة الهجنة والحياة المُهجنة تعبر عن القدرة على الكلام في عدد ن المجالات والأطياف والأصوات في آن واحد. الهجينة والوحش والآخر كما تم عرضها في المعرض تحقق الذات المترحلة المتحركة. إنها موصوفة بكونها ساحة عجيبة تتيح لنا تأملاً جديداً في الجسم.