"حليب أسود"

بيلو-سايمون فاينرو

السبت, 05.09.20, 10:00

الاثنين, 17.05.21

:

سفيتلانا رينجولد

مُتاح

لمعلومات إضافية:

046030800

شارك

"لا أحد في البيت، لا أحد يستطيع أن يكون في البيت. البيت هو حالة مستمرة من التفكيك وهو مهدد من الخارج بالدمار". بوجدان جيو *

 

في إنشائية حليب أسود يدعو بيلو سيمون فاينرو المشاهد لرؤية عمل مضغوط بالعناصر والذي يحمل الحد الأدنى من الخصائص، والتي تؤكد البعد العالمي. زيت الماكينات الأسود والسام، الذي يبدو مهدِّدًا ورادعًا، يتواجد داخل أواني خزفية بيضاء ناعمة زخارفها ليست مفرطة. ترتبط الطاولة والكراسي بالماضي، بغرفة المعيشة في منزل والديه. إنه عالم منسي - منزل لا ننتظر فيه وجبة أشباح، والتي لن تحدث بعد الآن. جو الغياب وعدم الوجود في هذا العمل، يكمل الإنشائية ينتمي إلى الا مكان وزمان آخر، والتي تم عرضها في بينالي البندقية عام 2019 عندما تم اختيار فاينرو لتمثيل رومانيا.

طوال سنوات عمله، تتناول أعمال فاينرو مفهوم البيت، مفهوم الهوية الشخصية والمجتمعية ومكونات الذاكرة من خلال استخدام أغراض أصيلة. إنه يعطل وظائفهم أو يخلق أشياء جديدة مستوحاة منهم. في إنشائية حليب أسود، يجري التأكيد على خصائص التباين، حيث يلغي أحد المكونات الآخر ولا يسمح بالربط. يضع هذا التوتر المشاهد في حالة فريدة، في لحظة ميتافيزيقية أو صوفية كما هو الحال في كسوف الشمس، حيث يتوقف الشيء المألوف والواضح للحظة عن الوجود ويتحدى التقاليد والأفكار. عنوان العمل مرتبط بقصيدة شرود الموت المعروفة للشاعر بول سيلان: "نحن نشرب الحليب الأسود للفجر [...] يحفرون حفرة قبر في مهب الريح حيث يرقدون بلا اكتظاظ ..." (ترجمة: شمعون زاندبانك).

 

يجرى فاينرو حوارًا إبداعيًا لسنوات عديدة مع الكتاب والشعراء، حيث يعتبر سيلان أحد أبرزهم. يتم التعبير عن اللقاء معه في مزيج من الأضداد، في تحديد الواقع الرمزي في الحياة اليومية وفي العلاقة المشحونة بين العلمانية والقداسة. على غرار سيلان، يجري فاينرو بحثًا رمزيًا عن خريطة لطفولته ويتوق للعثور على "مكان ليس مكانًا". في هذه العملية، يجمع فاينرو بين الأغراض والصور، مما يخلق رحلة داخلية وخارجية بحثًا عن نفس الهوية ونفس المكان.

إن الشعور بالتهديد على البيتية، والأسرة التي يتم تقويضها وزوالها، والعلاقة مع الشاعر بول سيلان تثير مشاعر ذات صلة بالهولوكوست والحياة التي تم قطعها. بقيت الأغراض، التي تشهد على ماض غني وكامل، معزولة كشهادة صامتة على حياة الفرد والعائلة والمجتمع الغنية.

تحمل الإنشائية حليب أسود معنى فيما يتعلق بالواقع المعاصر. لم يعد هيكل الأسرة و"الوجبة العائلية" من المسلمات، ولم يعد مفهوم "البيت" أمرًا متفق عليه. منذ اندلاع أزمة كورونا، أصبح حيز البيت بالنسبة للكثير بمثابة سجن، وطنجرة ضغط للوجود الخاص والعائلي. في ضوء الحالة الإنسانية الفريدة، يمكن فحص الإنشائية ككبسولة، كخلية عائلية وخلايا بشرية تلبي الاحتياجات المادية والبيولوجية والرغبة في الشعور بالتقارب البشري، العائلي والانتماء. تشير بقعة الزيت الأسود في أواني الخزف الأبيض إلى مستقبل بشري مليء بالضباب. إنها نوع من "خلية الإنقاذ" في سفينة فضاء بشرية شاردة، كبسولة تحتوي على فشل يهدد بانهيار الماضي المستقر والمألوف وتقويض جدوى المستقبل.

تقدم الإنشائية حليب أسود استعارة للقلق الجماعي العالمي والوطني. إن اللحظة التي تنكسر فيها الصلة بين الماضي والذاكرة ووعد المستقبل هي اللحظة التي يتم فيها تقويض العلاقة البيتية وفشلها؛ هذا هو الوضع الذي تواجه فيه النزعة الإنسانية أزمة، وتنهار فيه القيم الإنسانية الواضحة وتطرح أسئلة مفتوحة وخطيرة.

 

نص: د. دانيال فايمان

 

* اقتباس من مقال للفيلسوف بوجدان غيو (Bogdan Ghiu) في أعقاب معرض "لا أحد في البيت" لبيلو سيميون فاينرو في جاليري أنكا بوتيراسو في بوخارست. القيمة الفنية: كريستينا ستوينيسكو (Cristina Stoenescu).

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك