إيلي شمير

مكانة الإنسان

السبت, 23.07.16, 20:00

السبت, 21.01.17

مُتاح

لمعلومات إضافية:

046030800

شارك

إيلي شمير: مكانة الإنسان

يتميّز الإنشاء اللغويّ الإبداعيّ والفكريّ لدى شمير بشبكة مركبة من العلاقات مع تاريخ الفن. في حوار غير مباشر مع ما بعد الحداثة وعلى خلفية الأفكار الحداثويّة، يختار شمير أن يتطرّق إلى الإنسان كمركزٍ، مجدّدًا. تبدو شخصياته كما لو أنّها خارجة من القماش إلى المشاهد، وحضورها البارز والمباشر يثير تساؤلات حول مكانة الإنسان في المجتمع المُعاصر.

إن موقف شمير مثل مرآة تعكس روح الإنسانية، في ضوء هذا الواقع المقلوب. وفقًا للفيلسوف جورج شطاينر، الذي تناول مفهوم «التجريد من الإنسانيّة، بدأ التصنيع المنهجيّ لتعذيب الجسد منذ القرن الثامن عشر في كتابات ماركيز دي ساد وفي رسوم وليم هوجرت. الانهيار الهائل للنظام الأوروبي بين الحربين العالميتي (1945 – 1914) حين تم اكتشاف هالة الواقعية الصناعية بكونها هي التي أعطت الأهلية لمعسكرات الموت ووجود التعذيب السياسي المنهجي، السياسي، انقراض الشعوب، الجوع والحرق حتى الموت، وكذلك الكلمات ستالي حرب فيتنام   كمبودي الخمير الحم وما إلى ذل  - كل هذه يتردد صداها في خلفية النقاش حول فقدان صورة الإنسان خلال القرن العشرين. حسب اعتقاد شطاينر، إن القرن العشرين هو المسؤول عن المعادلة بين الإنتاج الضخم والتجريد من الإنسانيّة. لقد نوقش موضوع التجريد من الإنسانية مطوّلاً في كتابات فلاسفة مدرسة فرانكفورت، وخصوصًا هربرت ماركوز في كتابه الإنسان ذو البُعد الواحد .يحاجج هؤلاء الفلاسفة في كتاباتهم الفكرية بأنّ نصر الرأسماليّة المتأخّر تسنّى بفضل آليّات التجريد من الإنسانيّة، التي ترسّخ القيمة الاقتصادية كقيمة مطلقة وتقزّم الإنسان إلى بُعده الإنتاجيّ-الاستهلاكيّ فقط. ومن هنا ينبع واجب خلق ثقافة مضادّة للحفاظ على صورة الإنسان ولضمان حرّيّة الرّوح. العودة إلى الإنسانيّة في أعمال شمير تجسّد، إذًا، خيارًا أخلاقيًّا، يعكس موقفًا اجتماعيًّا-سياسيًّا يتطرّق إلى الاحتياجات الحاليّة. الرّجل موجودٌ في مركز اليوتوبيا الطبيعيّة الريفية في «كفار يهوشع  - وهو موضوع يرافق شمير على امتداد معظم سنوات عمله الإبداعيّ. كُتل التراب في لوحاته موضوعة على طبقات جيولوجيّة مشحونة بالماضي التوراتي، بالثقافة القديمة، بالتاريخ الصهيوني، بالفكر الاجتماعي-الاقتصادي وبالتقاليد الفنيّة. «كفار يهوشع » هو في الوقت ذاته حال ة عينيّة لبلدة في وادي يزراعيل وكذلك لقصّة روح وطنيّة محلية عامّة. هذا الموقع يجسّد الماضي المثاليّ الإسرائيلي، أشبه بنوعٍ من فردوس ثقافيّ مفقود. يضع شمير هذا الموقع أمام أعيننا حتى نتمكّن من تأمّل المجتمع الذي نعيش فيه. في القرن الحادي والعشرين، يجسّد موقع ذو ماضٍ مثاليّ كهذا، من جهةٍ، نقدًا ثاقبًا لمجتمع جماعيّ يؤمن بإشباع قناعات سريعة، مجتمع يتميّز بذاكرة قصيرة، بقلق واغتراب وبشعور بالوحدة المثيرة للشّفقة. من جهة أخرى، في هذا القرن، يعتبر هذا الموقع أيضًا بمثابة اقتراح من الفنّان للتغيير، التجدّد والأمل. ولد إيلي شمير في كفار يهوشع، 1953؛ يعيش ويعمل في كفار يهوشع.

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك