تتسلسل أعمال دينا چولدشتاين على امتداد تتابع من التشكيلات الاستعراضية والفن المرئي ومسرح
الأغراض. تسعى أعمالها إلى إثارة عوالم سُورْيالِيّة غرائبية تنبع من توقها إلى العجيب والمدهش ومن
رغبتها في إدخال السحر والجمال إلى الحياة اليومية. تجمع الفنّانة في عملها ما بين الوسائل البسيطة
وتقنيات التصوير والبث بحيث تخلق تجربة فوق الواقعية تتراوح ما بين الصحو والحلم وما بين الغموض
والخيال. تصاويرها مُستلهمة من كُتب قديمة عن تاريخ الفن وعلم النبات وعلم الأحياء وعالم البهلوانيات
والسيرك. وهذه التصاوير تُضفي على أعمالها جانباً حنينياً ومُبهماً يخاطب ويحرك خيال المُشاهد.
تم إنتاج العمل الفني بلاك بوك )كتاب أسود( كشريط مصور )كليب( لأغنية المُلحن أوري ألبوحر التي تحمل
نفس الاسم. أجواء الرحلة الغامضة في الأغنية ولدّت أفكار النظر والمنظر المدائني في عمل الرسوم
المتحركة. هاجس الرجل في الأغنية التي تتحدث عن "كتاب أسود" وعن الحب السابق الذي عاشته
حبيبته يمتزج مع شخوص تتأمل وتسترق النظر إلى الداخل والخارج.
ووفقاً لفكرة جاك لاكان فإن للحب القديم شغف بالتأمُّل، بحيث تنم نظرة العاشق إلى معشوقه عن لذة
ومتعة. لكن هذه النظرة قد يتحول إلى تلصُّص تتم ممارسته مع حفظ مسافة تخلو من التلامس والحميمية،
بحيث يكون هذا التلصُص بديل معطوب وناقص عن العلاقة الحميمية. قد يكون هذا الوصف تناظرياً بالنسبة
للتصوير، والذي يلبي فيه النظر ضرورة قيام مسافة بين المشاهد وبين الصورة – وهي المسافة الضرورية
للشغف واللذة وهي الدافع من وراء العمل الفني. نظرة الآخر التهديدية تندمج في أعمال چولدشتاين مع
العين الفُضولية التي تشكل عنصراً من العجب والافتتان. تتمحور هذه الأعمال الفنية في الحدود الفاصلة
ما بين العجيب والتهديدي وما بين الجميل والمُزعج.
معظم أعمال چولدشتاين هي عبارة عن عرض مباشر يتم تقديمه للجمهور بشكل فوري. توظف الأعمال
تقنيات التصوير لنقل تجربة عرض الرسوم المتحركة الحية. والدخول إلى عالم العرض المُصغر والخروج
لإلقاء نظرة خارجية عليه في خطوة تصويرية واحدة يكشف طريقة صنع السحر ويزيد في الوقت ذاته من
قوة هذا السحر.