ڨيك مونيز: لامبدوزا
عرض ڨيك مونيز عمله الفني "لامبدوزا" في افتتاحية بينالي العالمية الـ 56 للفنون في البندقية في عام 2015. وهذا القارب الورقي الذي أبدعه بطول 14 متر تم بنائه لذكرى 360 مهاجر غرقوا أثناء رحلتهم البحرية من ليبيا إلى إيطاليا وتم تغطيته بنسخة ضخمة من الجريدة الإيطالية التي نشرت تقريراً عن المأساة. القارب الوقي ذو المقاييس الضخمة تُبحر على مياه الغراند كنالا، وهو شريان الحركة الرئيس لمدينة البندقية، وهناك رست إلى جانب يخوت أثرياء العالم. "هول الحياة اجتاز الفن"، هذه عبارة كتباها الناقد الفني في جريدة "الجارديان"، جوناثان جونس. "لعل إنتاج عمل فني غامض ويستدعي التفكير في الهجرة هو أمر معقول من الناحية النظرية. لكن معايير القساوة والانعكاسات الحقيقية للكلام الذي يحث على نزع الصفة الإنسانية عن المهاجرين قد باتت فتّاكة. والفن الذي يتعامل مع هذه المسألة يجب أن يكون واضحاً وحاسماً وأكثر غضباً".
مونيز من مواليد مدينة برلين وقد اشتهر في السنوات الأخيرة بفضل أعمال كثيرة ومن جملتها فيلمه الناجح "فن في القمامة". قدم إلى الولايات المتحدة كمهاجر غير شرعي في عام 1982 وعاش بعيداً عن أنظار السلطات هناك طيلة عشر سنوات غلى أن "فاز" بمكانة مواطن شرعي بصفته فنّان قدير. وقال مونيز أثناء لقاءات صحفية: "لقد كنت هناك في هذا الوضع الذي لا يُطاق وعملت في التنظيف وفي محطات الوقود مقابل أجر دون الحد الأدنى، وذلك لكي لا أغرق. وبطريقة ما نجحت بالتقدم إلى الأمام وأصبحت بصفتي فنان مواطناً شرعياً".
قد ر يوجد في العالم تشبيه أكثر سذاجة وتفاؤلاً من قارب ورقي مطوي ببضع طيّات بسيطة. في قوارب الورق المبحرة على قنوات المياه والبحيرات والبرك الصغيرة الضحلة مطوية آمال أطفال وأحلام بالمستقبل - العكس تماماً ن آمال اللاجئين التي خوت إلى الأعماق. هؤلاء ناس هجروا بوتاً لا طائل منها ومعظمهم أودعوا أملاكهم بأيدي سماسرة السفن التي ستحملهم وإذا حالفهم الحظ ستقذفهم معدومين على شواطئ اوروبا التي تجافيهم. هناك قد يجدون عملاً أو مكانة شرعية أو غير شرعية، وربما يتم إعادتهم في سفن أمتن ويجدون أنفسهم أكثر إذلالاً مما كانوا عليه في نقطة البداية التي حاولوا الفرار منها.
إن العمل الذي يقدمه مونيز هو بمثابة احتجاج على مستقبل العالم، مستقبل أطفالنا الذي يرتسم بنظره كجمع متكاثر من الغموض. وبخلاف الرومانسية الساذجة أو نبوءات الهلاك المستقبلي ولما ينطوي عليه هذا المستقبل، فإن عمله يرمز إلى مستقبل فوضوي لأحداث تختلط معاً. تدور هذه الأحداث إلى جانب بعضها البعض كعوالم متوازية بالنسبة لشرائح سكانية مختلفة وفي اماكن مختلفة من العالم ولربما "في الساحة الخلفية" لمكان معين.