في العصور القديمة، سار البشر والكائنات الحية على قدم المساواة على وجه الأرض. مثل الحيوانات، تعامل البشر مع قوى الطبيعة، تكيفوا مع التغيرات المناخية بعيدة المدى، تجولوا بحثا عن الماء والغذاء، اصطادوها واصطيدوا.

خلال تطور البشرية، اكتسب البشر تدريجيا السيطرة على الطبيعة. لقد غيرت اختراعاتهم جذريا وجه العالم - من اكتشاف السيطرة على النار، تنمية الزراعة وتدجين الحيوانات، من خلال خلق الحياة الحضرية، إلى الثورات التكنولوجية في العصر الجديد. لقد أصبحت البشرية أعظم أنواع الكائنات الحية على وجه الأرض.

في بداية القرن الحادي والعشرين، اقترح العلماء من العلوم الطبيعية تحديد حقبة جديدة في الجدول الزمني الجيولوجي للأرض - الأنثروبوسين. يشير المصطلح الجديد إلى التأثير الحاسم للإنسان على السجل الجيولوجي العالمي، والذي يُظهر من بين أشياء أخرى مقاييس انبعاثات غازات الدفيئة، ارتفاع درجات الحرارة ومستوى سطح البحر، تآكل الأراضي، إزالة الغابات وانقراض العديد من أنواع الكائنات الحية بسبب الصيد وتدمير مناطق المعيشة.

كلنا، مثل الحيوانات، مخلوقات من لحم ودم تخضع لقوى الطبيعة، لتأثيراتها المفيدة ومخاطرها. اليوم نحن نتعايش بشكل متصاعد مع الطبيعة من بعيد، من خلال الشاشات، أو من خلال الاجتماع مع الحيوانات المستأنسة. نميل إلى تقييم الحيوانات من خلال معايير أخلاقية، كما لو كانت كائنات بشرية. لكن ماذا يحدث لنا عندما نواجه حيوانات لا تخضع للإنسان عندما تتجلى لنا طبيعتها البرية؟

المعرض يدعوكم للتأمل والتفكير في علاقات الإنسان مع الطبيعة من خلال لقاء مع أعمال فنية معاصرة تظهر في مركزها كائنات حية. تثير الأعمال أسئلة حول التأثير غير المسبوق للإنسان على تلك الحيوانات. فهي تلمس علاقات القوة غير المتناسقة التي تجعل الحيوانات رمزا للعرضة للإيذاء; مسائل التوازن في الطبيعة ومكان الإنسان داخل عجلة الحياة; نقاط اللقاء الحقيقية والرمزية بين الحيوانات والبشر، والشعور الذي يثار عند لقاء الحيوانات-- الفضول، تعجُّب وسحر، إعجاب وحنان، نفور وربما خوف. يسعى المعرض إلى إلقاء الضوء على شكل تعامل البشرية مع الكائنات الحية، الذي يضيء على الإنسانية اليوم، والعلاقة بين بعضها البعض. ويثير مسألة أي عالم سنتركه وراءنا.

عادي شيلح

وطاقم التربية لمتاحف حيفا