تبرز الأزياء أكثر من غيرها على الحلبة الاستهلاكية وقد تحولت إلى أسلوب حياة متبع ومعروف. يبدو أن صناعة الزياء المعاصرة تتطلع دائماً إلى التجديد، وهكذا تضمن لنفسها البقاء الأبدي بصفتها منظومة تتعلق بشهوة لا تشبع لشراء حاجيات بتصاميم مختلفة. هذه الصناعة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بخصائص المجتمع العصري الذي يغلب عليه طابع التغير المستمر والبحث عن مغزى في واقع غير مستقر.
يقول العالم الاجتماعي مايك بيترسون أن الأزياء تستجيب للتوتر الذي يسود الحياة العصرية ويقترح إذعاناً وطاعة اجتماعية إلى جانب تميُز شخصي. فكل إنسان يختار لنفسه هوية شخصية ومميزة من خلال استهلاك زائد لقطع الأزياء في الوقت ذاته يسعى للحصول على الشعور بالانتماء. هذا أمر يرتبط بخصائص المجتمع العصري الذي يولي أهمية حاسمة للمال ويدفع باتجاه الاستهلاك بصفته أسلوب حياة تتبدل فيه السلع دون توقف.
"الأزياء السريعة" بصفتها ظاهرة جديدة نسبياً، تنادي بمبدأ إنتاج الأزياء للعامة وإيجاد موضات وتقليعات متبدلة. مبدأها هو الجشع. إنها تهدر الموارد الطبيعية وتستغل العُمّال. اما مفهوم "الأزياء البطيئة" أو "الأزياء الأخلاقية" فإنه يرتبط بالعالم غير المُصنع في فترة ما قبل الحداثة. هذا المفهوم يقوم على اساس إنتاج ملابس نوعية ذات قيمة عاطفية وحضارية وتدوم لسنوات كما كان عليه الأمر في الماضي. هذه الأزياء تسعى للحفاظ على جودة البيئة ومنع إهدار الموارد والأموال. إنها ترتبط باتجاه عالمي يعكس الحنين إلى حياة البساطة إزاء العولمة والصفة التجارية المهيمنة على الأزياء العصرية.
يسعى هذا المعرض إلى كشف التوتر بين حلبة الأزياء العصرية السريعة والمغرية وبين ثقافة اللبس التقليدي والنوعي المتمسكة بمبادئ الماضي. تعكس أعمال الفنانين الرغبات المتضادة التي تعبر عن الشعور بانعدام الثقة في عصر ما بعد الحداثة الذي تؤدي فيه الأزياء دور ما يشبه "الدبق" الذي يلصق الهويات ببعضها. يبدو جلياً في الأعمال بروز الطريقة التي تسعى من خلالها الأزياء إلى جذب المستهلك للانجرار وراء شهواته ومشاعره. ومنها أعمال تجلب جانب التزيين والجمالية أحيانا إلى حدود الكيتش. بعض الأعمال تُبرز النظرة على الغرض المُشتهى مقابل اعمال اخرى تستخدم مواد تافهة مبتذلة من الحياة اليومية وتسعى للوصول إلى الناتج النهائي. هذان الاتجاهان يعكسان الوعي العالي لهشاشة هذا العالم. يمكن ملاحظة التكرارية والنسخ أيضاً في قسم كبير من الأعمال، ما يشدد نظامية الجسم ومجموعة القوانين التي ترسخت في الإنتاج الجماعي الذي يؤثر على قوالب تفكير المستهلك.