أولاف كونمان: معبد الدراجات الهوائية
السبت, 04.08.18, 20:00
الأحد, 17.02.19
:
سفيتلانا رينجولد
لمعلومات إضافية:
046030800ترتبط الدراجة الهوائية التي تم بناء هذه الأنشائية حولها بالإلهام الذي يستقيه أولاف كونمان من شوارع برلين، المدينة التي يسكنها منذ عدة سنوات. مع مرور فصول السنة، عندما تتبدل كآبة الشتاء بهوس الربيع والصيف، تمتلئ شرايين المدينة بالدراجات الهوائية. يرى بها كونمان ما يشبه حُليّ الشوارع التي تملأ الحيز المدني البرليني بالحرية والجمال: "الدراجات الهوائية التي تفاجئني فعلا بجمالها، عادة ما تكون قديمة جدا، تلك التي نلاحظ عناصر الزمن عليها، تأثيرات حالة الطقس. دراجات شخصية جدا تم تصميمها أو بناؤها من قبل أصحابها، الذين ينتجون ما هو معاكس تماما للجديد، البرّاق والناعم".
عندما يتجول في الطرقات، يجد كونمان دراجة هوائية متروكة ومفككة، ويقوم بترميمها بواسطة قطع أخرى، تم العثور عليها هي الأخرى. يقوم بتصويرها، ويرفع إلى الإنستغرام توليفات "صورية". تشمل إجراءات الإعادة إلى الحياة، التي يتم القيام بها على دراجة "ميتة"، ويتم إعطاؤها كهدية لصديق أو لفنان آخر، الكثير من مستويات الإلهام، الهوس، الرغبة، التفكير، الجمال والحرية. في هذه الحالة، تمثل الدراجة الهوائية الجمال الكامن في العمل الفني. تشكل رسوم الدراجات الهوائية المعروضة كجزء من المشروع، "خلفية" للدراجة الحقيقية وتخلق مجمعا من التصاوير التي يستخدمها كونمان من أجل إثارة الإلهام، التفكير والمشاعر.
في هذه التصاوير ينعكس صدى سيرورة التجوال، الذي يتواجد في أساسه تصادم بين النظام والمنهجية وبين الصدفة، العفوية وتجاوز المنطق الانتفاعي. كيف نتجول في مدينة منظمة ومخططة مثل برلين، التي تعتبر ورشة هندسية دقيقة؟ من هذه الناحية، ترتبط أعمال كونمان الإبداعية بالحركة الوضعية، التي ترمي إلى خلق منظومة جديدة، غير ثابتة، متأثرة بالخيال والعلاقات العشوائية ("الوضعية")، كبديل للعلاقات المؤسساتية وكتعبير عن معارضة ومقاومة المجتمع الاستعراضي ونظم الرقابة والقمع التي فيه.
يكمن جمال التجوال في تجربة الاكتشاف التي يتيحها. في هذا السياق، كتب المؤرخ بوعاز نويمان: "عندما نتجول، بإمكان كل شارع [...] أن يصبح ساحرا ويلفه الغموض. من خلال نظرته غير المركِّزة، بإمكان المتجول أن يكتشف ما الموجود تحت السطح، مثل الكاميرا التي تلتقط الأشياء التي تغفلها العين. بإمكان المتجول أن يكتشف لا-وعي المدينة". وبكلمات كونمان: "أخرج من المنزل، لكنني أصادف في الطريق دراجات، الحلي المدنية، التي تدعوني لتصويرها، وتشوش الخطية والهدف اللذين خرجت لأجلهما، نوع من تأجيل الإلهام الواجب تجميعه".
بالنسبة لكونمان، فإن عملية تجميع الدراجات الهوائية وترميمها هي عمل يسعى إلى التقويض، تعبير عن قوة سياسية مستقلة في مواجهة النمط الرأسمالي والقوى الاقتصادية التي تحرك المدينة. بحسب أقواله، "تتيح الدراجات حرية التحرك بواسطة الجسد في مختلف الحيزات بصورة غير متوقعة وغير ثابتة. حرية أن تكون مشتت الانتباه والتلكؤ أمام المناظر الخلابة، الجمال والألوان. حرية "تضييع" الوقت، ووداع الدراجات التي عادت للأداء مجددا، دون مقابل مالي. حرية السير على القدمين، التجول بدون هدف واحد واضح من أجل مصادفة دراجات هوائية رائعة تنتج عنها لحظات صغيرة من السعادة، الإلهام والتفكير".